الثورة الليبية وانتصار ارادة الحياة

الثورة الليبية وانتصار ارادة الحياة

ابو جهل الاكبر هو الغرب وليس القذافي او بن علي ( صغار ابي جهل التي حكمت
الشعوب العربية) . ان الغرب هو من يتعاطي حبوب الهلوسة عبر كل اشكال
المركزية التي تميز في البشر بين الإنساني / المتحضر / المثقف وبين
المتوحش /البربري / الهمجي .
لقد بينت الثورة الليبية للعالم وللعرب ولليبيين أنفسهم ان منطق القبيلة
لا يتناقض مع منطق الشعب ومنطق العالمية او الكونية وهو درس جديد يكتب
بالدم في تاريخ ليبيا المعاصر . ان هذا الدرس الليبي /المغاربي / العربي/
الانساني بما هو تعبير عن وعي الشعب بذاته المنفتح على الاخرين هو الذي
انتصر على الديكتاتورية في شخص ابي جهل ليبيا الذي تغذى طويلا من منطق
العولمة بما هو منطق اقصائي واستعماري ومتمركز حول اوهام العظمة والأفضلية
والتميز والتحضر الذي يعود إلى آلاف السنين. ان البربري هو من يؤمن بوجود
البربرية . ان كل الحكومات العربية تتعاطى " حبوب الهلوسة " فتنطق بمنطوق
الغرب المتوحش الذي دمر ذاته قبل ان يدمر الاخر . ان الغرب يقتل نفسه
باستمرار من خلال ادعاءات حقوق الانسان والديمقراطية من اجل تحقيق مصالحه
وهاهو الشعب العربي بثوراته من اجل الانساني والكوني يحاول ان يوقض الغرب
من سباته العميق ، سباته الذي يمتد الى الاف السنين ، من بربريته
التاريخية ، من تحطيمه لنفسه بنفسه من تنكره المستمر لثوراته من كل اشكال
الالتفاف على ثوراته التاريخية من اجل الانساني والكوني يقول كلود ليفي
ستروس مستقصيا هذه البربرية والتوحش الغربي في كتابه العرق والتاريخ :
"ان الموقف الاكثر قدما ، والذي يستند دون شك الى اسس نفسانية متينة نظرا
لانه ينزع للظهور مجددا لدى كل منا عندما نكون في موقع غير منتظر ، انما
يتمثل في الرفض الكامل للاشكال الثقافية ، الاخلاقية والدينية والاجتماعية
والجمالية ، البعيدة كل البعد عن القيم التي نعتنقها . فتعابير مثل "
عادات متوحشين " و" ذلك ليس من عندياتنا " و" كان علينا الا نسمح بذلك "
الخ ، والكثير من ردود الفعل الفظة التي تعبر عن القشعريرة نفسها وعن
التقزز نفسه امام اساليب العيش والاعتقاد والتفكير الغريبة عنا . وهكذا
كانت العصور القديمة antiquité'l تخلط كل ما لا يشترك مع الثقافة
اليونانية ( ومن بعد الثقافة اليونانية ـ الرومانية ) تحت اسم البربري ،
وفيما بعد استعملت الحضارة الغربية تعبير متوحش في المعنى ذاته . فقد كان
يختفي وراء هذه الصفات الحكم نفسه ، اذ من المرجح ان كلمة بربري تقود من
الناحية اللغوية الى غموض وجمجمة اغاني العصافير ، بمواجهة القيمة
التعبيرية للغة البشرية ، وكذلك كلمة متوحش التي تعني انه ات من " الغابة
" ، تذكر بنوع من الحياة الحيوانية بمواجهة الثقافة الانسانية . وفي كلتا
الحالتين نرفض القبول بواقعة تنوع الثقافة نفسها ، ونفضل ان نرمي خارج
الثقافة ، في الطبيعة ، كل ما لا يتوافق مع القواعد التي نعيش في ظلها"
ان محاولات الالتفاف على الثورة الليبية من طرف امريكا عبر محاولات التدخل
في شؤون هذا الشعب العظيم الذي تحدى الطائرات والصواريخ والرصاص الحي
بصدور عارية هي محاولات مالها الفشل والاخطر من ذلك انها تعبير عن وعي
زائف من جنس وعي الحكام العرب الذي يتحدث عن الارهاب والجماعات الملثمة
وحبوب الهلوسة ...على امريكا ان تستفيق من هلوستها وتكف عن تعاطي كل اشكال
المخدرات الصهيونية من جنس العنصرية والارهاب والتطرف واخشى على امريكا ان
ترتكب خطا القذافي وتاخذ مرتزقته لتواجه الشعب الليبي فتنتحر على ابواب
ليبيا الصمود الاسطوري و الفريد في التاريخ المعاصر للعرب.
ان ارادة الحياة لا تقهر لانها تقوم على جدلية " اما ان ننتصر او نموت " .
ان هذه الارادة القاهرة لكل الديكتاتوريات هي القاعدة التي وحدت ولازالت
توحد الشباب العربي. ان كل الشعوب شعب واحد وقيمة هذه الوحدة العربية
التونسية والمصرية والليبية كتبت بدم الشهداء فكانت عفوية و بريئة و صادقة
و شعبية . ان لقاء الانسان بالانسان يتحول من حلم فلسفي الى واقع معيش
مكتوب باحرف من دم ولا سبيل الى فك هيروغليفية هذا اللقاء الا بتحطيم كل
الاصنام التي دمرت قيم الحياة ، قيم ديونيزوس ، قيم السمفونية الشبابية
بما فيه من رقص وحلم وحب ووفاء وفداء وفناء من اجل الارض ، من اجل الانسان
. ان القيم الفلسفية الحق هي القيم الشبابية / الجسدية / الارضية التي
جمعت الشباب العربي ، شباب ابي القاسم الشابي ، شباب ارادة الحياة وارادة
القوة النتشوية التي تهوي بمطرقتها دون هوادة على اصنام الديكتاتورية
فتجبرها على الفرار او الموت مهما كان جنس هذه الديكتاتورية شرقية او غربية